علاقة قصة سيدنا موسى بالاعلامي الناجح
الإعلامي الناجح الذي يقدم رسالة راقية تنير العقول وتسموبالأفكار؛ يحتاج إلى كثير من الصفات التي تؤهله
للقيام بدوره الرائع وأداءرسالته الكبرى التي ينبني عليها صلاح المجتمع ورقيه وتقدمه، ومن خلال قرآننا الرائع
العظيم، منهل الخيرات كلها، ومنبع العلوم الرائعة النافعة، الذي يجد كلمتخصص فيه بغيته ومأربه نحو التألق
والإبداع، نقدم سمات الإعلامي الناجح من خلال سيدنا موسى عليه السلام.
1-أن يكون ذا غاية عظيمة وهدف نبيل:فينطلق لخدمة رسالة إعلامية راقية يبتغي بها وجه الله تعالى، ويهدف بها
إلى إصلاحالأرض ومقاومة الظلم وتحقيق العدل والخير للإنسانية، وهو مكلف بهذا من قبل الله تعالى، وتمثل هذا
في قول الله تعالى لسيدنا موسى في سورة الشعراء: (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَفِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ).
2- أن يحرص على نجاح الرسالة الإعلامية:فيخاف من عدم قبولها، وبالتالي يعدهافي أحسن صورة حتى تلقى القبول المأمول، وتمثل هذا في قول سيدنا
موسى بعد أنكُلف بالرسالة: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنيُكَذِّبُونِ).
3- أن يتمتع بسعة الصدر والاستيعاب الكامل لرسالته:فلا بد من انشراح الصدر والتشبع الكامل بالفكرة، حتى يكون الإعلامي قديراً على إقناع غيره بها، فقد كان سيدنا
موسى عليه السلام حريصاً علىالدعاء قبل الذهاب لتوصيل الرسالة: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْلِي صَدْرِي).وقد كان سيدنا موسى أيضا يخشى من ضيق الصدر: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي).
4- أن يحرص على توفير الآليات اللازمة لتوصيل الرسالة:
توصيل الرسالة يحتاج إلى آليات وأدوات وأمور كثيرة يجب أن يحرص عليها الإعلامي الناجح، وقد كان سيدنا
موسى عليه السلام يحرص على أن ييسرالله تعالى له أمره كله ويتضرع بالدعاء: (وَيَسِّرْ لِيأَمْرِي).
5- اللباقة والقدرة على التعبير الجيد:فاللسان المنطلق والقول الفقيه الواعي من أهم السمات اللازمة للإعلامي الناجح، وقد كان سيدنا موسى
يتضرع إلى ربه أن يرزقه ذلك: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي).ويخشى من عدم انطلاق اللسان
فتفشل الرسالة: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي).
6- أن يحرص على العمل بروح الفريق:
لا ينجح العمل الإعلامي إلا بروح الفريق،والتعاون المشترك والتناغم في أداء الأدوار المطلوبة، ومن هنا طلب سيدنا موسى من ربه أن يعينه بأخيه هارون: (وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنتَ لنَا بَصِيراً * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى).
وفيموضع آخر: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إلىهَارُونَ).
7- أن يكون مستقيما متمتعاً بالأخلاقيات الحسنة:
حتى لا يشوش على رسالته بتهم تتعلق بسلوكه أو يكون عرضة للانتقام منه. وهذا ما كان يخشى منه سيدنا
موسى بسبب حادثة ارتكبها: (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)؛ فحادث القتل الذي قام به سيدنا موسى هو
الذي دفع فرعون لأن يقول له عند عرضه الرسالة عليه: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ).
فالسلوك غير المقبول قد يعوق الإعلامي في أداء دوره المطلوب؛ لذا وجب على الإعلامي الناجح أن يكون أول
الناس في: رعاية حقوقالآخرين، الأخلاق الحسنة، السيرة الطيبة، تجنب الإساءة للآخرين
8- إتقان فنون الحوار:
فنون الحوار والاتصال والإقناع، والتأثير في الآخرين،والاستعداد الجيد لمواجهة الصدمات والمطبات الطارئة، من
اللوازم الضروريةللإعلامي الناجح، وهذا واضح من خلال محاورة سيدنا موسى مع فرعون.
9- الموضوعية والاعتراف بالخطأ:
فحينما واجه فرعون سيدنا موسى بحادثة القتل،وتشنيعه عليه بها، بقوله: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ)،رد سيدنا موسىمعترفاً بخطئه ومعززاً موقفه بفضل الله عليه بالهدى بعد الضلال، وبنعمة الرسالة:
(قَالَ فَعَلْتُهَا إذا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ المُرْسَلِينَ).
فهذا الموقف يعلمك كيف تعتذر وتعزز من موقفك فينفس الوقت، وأن الاعتذار لا يجعلك تنهزم أو تنسحب أو تكف
عن توصيل رسالتك،بل تعتذر ويكون موقفك قويًّا في نفس الوقت، وتستمر في توصيل رسالتك>>
10- مواجهة السخرية بروح عالية:
الهدف الرئيسي للسخرية هي الهزيمة المعنويةللطرف الآخر، والإعلامي الناجح هو الذي يواجه السخرية بروح عالية، وكأنه قلعة حصينة لا يجدي فيها قصف.
فحينما واجه فرعون سيدنا موسى بقوله: (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَامِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)، كان من ردود سيدناموسى: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ).
وللحديث بقية