وفي حين خرج العشرات من أبناء الشعب المصري في تظاهرات عفوية قاصدين مقر السفارة التونسية بالقاهرة للتعبير عن تضامنهم مع الشعب التونسي وفرحته بإزاحة نظام الرئيس زين العابدين بن علي أكد عبد الجليل مصطفى، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير التي يقودها محمد البرادعي، أن ما حدث في تونس ملهم للشعب المصري "حكومة ومعارضة، نخبة وجمهورا، ومؤسسات سياسية وأمنية ووطنية".
أرشيف) |
وأضاف مصطفى للجزيرة نت، أن الشعب التونسي انتصر لكفاحه وكفاح شعوب عربية كثيرة تحلم بالثورة والتغيير، وأن الرسالة التي بعث بها محتجو تونس عبرت الحدود "وأفهمت كل ديكتاتور عربي أن شعبه قادر على إزاحته وإسقاط حكمه الظالم بلا رجعة، وأنه لا يبخل بدماء أبنائه لنيل حقوقه".
وأكد أن الشعب المصري تواق للحرية ولحياة كريمة وعادلة، وأن توقيع أكثر من مليون مصري على "بيان التغيير" رغم القمع والملاحقة الأمنية "دليل على عزم الشعب على انتزاع حقوقه والاتفاق حول رموزه الوطنية".
واستبعد مصطفى أن يغير النظام المصري أو غيره من الأنظمة العربية الفاسدة -على حد قوله- سياسته بعد "درس تونس"، وقال إن "النظام لا يتعلم، ويعتقد أن قبضته الأمنية ستبقيه، لكن الرهان الآن على الشعب نفسه بكل طوائفه بعدما ترسخ بداخله التصميم والإرادة على التغيير".
كما رفض القول بأن التجربة التونسية أثبتت ضعف دور النخبة في التغيير في مقابل دور القاعدة الشعبية، وأكد أن النخبة تلعب دورا كبيرا في تنظيم الصفوف واستثمار الطاقات ونشر الوعي، ثم يأتي دور الجماهير العريضة في تحقيق التغيير بإرادتها وتصميمها نافيا أن تكون المعارضة المصرية حجر عثرة أمام تحرك شعبي مماثل لما حدث في تونس.
(الجزيرة-أرشيف) |
بدوره دعا عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الحكام العرب إلى عقد قمة عاجلة لمراجعة سياساتهم واتخاذ قرارات مصيرية، واعتماد نظم حكم ديمقراطية وعادلة وفتح حوار جاد مع شعوبهم ومعارضتهم، والتخلي عن سياسة القمع في استمرارهم بالحكم، حسب تعبيره.
وقال الأشعل للجزيرة نت إن ظروف تونس تتشابه وعدد من النماذج العربية، وإن الشعوب العربية "شاهدت بعينها كيف يكون التغيير وكيف أن ثمنه وإن غلا فإنه قليل مقارنة بواقع الظلم والفقر والفساد الذي يعيشونه".
وحذر من أن تكرار التجربة التونسية في مصر ستكون عواقبه وخيمة، وقال إنه حال نزول المصريين إلى الشارع فإن ضريبة باهظة ستدفعها البلاد كون مصر بلدا كبيرا من حيث السكان والمساحة "وتاريخ الظلم الذي يشعر به الناس"، مؤكد أن أي صدام في الشارع بين الناس والشرطة سيؤول إلى خراب عظيم يتحمل النظام وحده المسؤولية عنه.
وطالب الأشعل -الذي أعلن نيته خوض انتخابات الرئاسة العام القادم- الرئيس المصري حسني مبارك بتنحية الحزب الوطني الحاكم عن السلطة وإقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة وطنية تجنب البلاد خطر الانفلات والفوضى.
كما حذر النظام المصري من عدم الالتفات إلى "العبرة التونسية"، وقال إن التجربة في تونس أثبتت عجز الشرطة عن ضمان الحكم وقمع الغضب الشعبي، وأثبتت أيضا أن الجيش حينما يخير بين نصرة الحاكم أو الشعب فإنه ينحاز للوطن وينتصر للمواطنين.
ودعا الأشعل الحركة الوطنية إلى التقدم بلائحة عاجلة لمطالب الشعب إلى الرئيس المصري، وأن تلجأ -حال عدم الاستجابة إلى مطالبها- إلى النزول للشارع دون خوف.
وقال "لتكن الجماعة الوطنية أول من يقدم شهداء لتحرير الوطن، تونس تحررت بنحو 70 شهيدا ومصر تحتاج الآن إلى تحرر ثان من احتلال وطني جاثم على صدر الشعب منذ 30 عاما، حتى لو دفعنا مئات الشهداء، لأن مصر ستكسب نفسها في النهاية".
(الجزيرة-أرشيف) |
من جهته قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عصام العريان، إن الوصفة السحرية للغضب الشعبي من استبداد سياسي ونهب ثروات وفساد إداري وتغييب القانون، موجودة في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وإن ما حدث في تونس منذ اندلاع الاحتجاجات حتى الوصول إلى "هروب" بن علي رسالة واضحة باستحالة استمرار الحكم على قاعدة من الفساد والاستبداد.
ورغم رفضه مقارنة التجربة التونسية بالحالة المصرية، أكد للجزيرة نت أن "الشعب التونسي الذي كان آخر من يتوقع المراقبون أن ينتفض بهذه الطريقة يتشابه كثيرا في خصائصه مع نظيره المصري".
واعتبر العريان أن "الحديث عن أن ما حدث (في تونس) سيكون ملهما للشارع المصري غير دقيق"، فالمصريون -حسب قوله- عاصروا الثورة الإيرانية وحركات التغيير في رومانيا وأوكرانيا وغيرها، لكنهم لم يسيروا على ذات النهج.
لكن المتحدث باسم الإخوان أكد في المقابل "الشعب التونسي هادئ وصبور، وما حدث رسالة لكل عاقل يريد أن يعتبر"، مضيفا أن لكل بلد ظروفه واللحظة "التي يختارها الله" له للتحرك والانتفاض في وجه الظلم.
وحيا العريان الشعب التونسي وتصميمه على التغيير، وقال إنه أعطى مثالا عمليا لكل من يطالب بالتغيير لأنه طبق قول الله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، منتقدا "هروب الرئيس التونسي وتركه بلاده تغرق في الفوضى بلا سيناريو لانتقال السلطة أو مواجهة للغضب والفساد الذي لحق بالبلاد